بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

هذا مقال للدكتور مصطفى محمود الذي توفي قبل نحو عشر سنوات ، وهو يناقش هجمة البرامج والمسلسلات المخصصة لشهر رمضان .

عنوان المقالة :
( لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان ؟ )

لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهي بدلا من شهر روحاني ؟

لست شيخا ولا داعية ، ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان .

كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة فوازير ، بينما يتابعها كل أصدقائي ، ولم يشف غليلي إجابة والدتي المقتضبة : " رمضان شهر عبادة مش فوازير! " لم أكن أفهم منطق أمي الذي كنت كطفل أعتبره تشددا فى الدين لا فائدة منه ، فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان ؟

من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان ؟
مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولي ، حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة على هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية ، كان ذلك الرجل هو عامل أمريكي في محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملي ، وفي اليوم الذي يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتي ، فإذا بي أجد ذلك الرجل منهمكا في وضع أقفال على ثلاجة الخمور ، وعندما عاد للـ (كاشير) لمحاسبتي على القهوة سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا : " لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة؟ "
فأجابني : " هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور في ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح"
نظرت إليه مندهشا قائلا : أليست أمريكا دولة علمانية ، لماذا تتدخل الدولة فى شيء مثل ذلك ؟
قال الرجل : " الاحترام ، يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر في ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا ، إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شيء"


(الاحترام)

ظلت هذه الكلمة تدور فى عقلى لأيام وأيام بعد هذه الليلة ، فالخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية فى أمريكا ، ولكن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام ، إنها مسألة احترام .
فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام .
وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف ، فلتسكر ولتعربد فى يوم آخر إذا كان ذلك أسلوب حياتك أنت حر ، ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة قانونا !

أتمنى أن نحترم شهر القرأن ، ونعرف ماذا نشاهد.

ومن ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.
(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
نحن على قناعة أن إعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه .

هل ستتحلى أنت بقليل من الاحترام وتقلب شاشة تلفزيونك ، أو على أقل تقدير حذف بعض القنوات والاكتفاء بما يعزز احترامك لشهر رمضان الفضيل ؟ .