السعادة





ما هي السعادة ؟

حدثني صديق مقرب عن السعادة وعن اشتياقه لها
وكأنها عروس من السماء ترتدي الأبيض
وهو في انتظار وترقب شديد لقدومها
جعلني أفكر ما هي السعادة من وجهة نظر البعض
ولما سعي كل انسان إليها يختلف عن الأخر
فوجدتني أفكر في..
أن البؤس في ازدياد ، أكبر سوق سيعرفها العالم مستقبلاً ،
ستكون سوق السعادة.

في أميركا وحدها ، صدر في آخر موسم للنشر 400 كتاب ،
كي تدلك على خريطة الطريق الموصلة إلى باب سعادتك .

تخيلت شاشات العرض بالشوارع و الـ " gps " ذلك
وهما يرشدان التائهين في أزقة الحياة خلف مقود القدر ،
إلى عنوان سعادتهم المنشودة ، يكفي أن يتبعوا إرشادات الشاشة.

فضحكت كما يضحك هذا الصديق ها ها ها ها ها ها ها ها

في انتظار ذلك ، تمت ترجمة تلك الكتب
قبل صدورها الى بؤساء العالم .. أي اللغات الأوربية .

فمحبطو ومكتئبو الحضارة يعدون بالملايين .

إنها مأساة الدول الغنية ، التي وضعت تحت تصرف مواطنيها
كل ما يمكن استهلاكه ، ومنحتهم من القوانين التي تحميهم ،
لكنها ما وجدت قانوناً يجنبهم التعاسة أو يقيهم كآبة الوحدة
فليس للسعادة قانون ولا منطق ولا ثمن إنها تهب نفسها
لمن يعيشها كل لحظة ، كنعمة مهددة بالزوال .

لا أحتاج إلى قراءة تلك الكتب لأعرف كيف أكون سعيدة ،
لقناعتي بأنني أحتاج أحياناً إلى ألمي لأبقى إنسانة

فالسعداء أُناس لا يحدث لهم شيء يستحق الذكر ، أو يستحق الكتابة .
تعلمت في صغري درساً عن السعادة ، أغناني عن كلَّ ما كًتب عنها .
فقد سمعت جدتي ، في محاولة فاشلة لإقناع أختى الصغرى
بمزايا القناعة

تشرح لها أنه إن كان في يد المرء رغيف
ونظر إلى من ليس في يده شيء ،
سعد بنعمة الله ، أما إذا غدا هاجسه
النظر إلى من يضع على طاولته
سلة " كرواسان بالشيكولاتة " لإفطار الصباح
فسيشقى بالنظر إلى فوق ، ولن يستطيب ما في يده.

عندها أدركت مع العمر ،
أن السعادة تضيع منّا أثناء لهاثنا بين الطوابق .

أحدهم قال :
" الصعوبة ليست في السعادة ،
ولكن في تفادي التعاسة التي يسببها السعي إليها "

فالذي يأكل " كرواسان "عينه على الذي يأكل
" جاتو "والذي يأكل " جاتو "يحسد من
يملك مخبزاً لصنع الحلويات
وهذا الأخير لن يسعد بمخبز
ما دام لم يفتح له فروعاً في أكثر من حي ..
ثمّ في أكثر من مدينة .

فكأننا ، كلما بلغنا طابقاً راحت السعادة
كما في لعبة " الاستغماية " تسخر وتهرب منا
وتسبقنا ألى الطابق الأعلى بينما كان يكفي أحياناً
أن ننظر إلى من هم تحتنا لنسعد.

لذلك وبالنسبة لبعض الإحصائيات الفرنسية
_ إن استيقظت هذا الصباح وأنت مُعافي ،
إذن أنت أسعد
من مليون شخص سيموتون في الأيام المقبلة .

_ إن لم تُعانِ أبداً من الحرب والجوع والعزلة ،
إذن أنت أسعد
بكثير من 500 مليون شخص في العالم.

_ إن كان في استطاعتك ممارسة شعائرك الدينية في معبدك ،
دون أن تكون مُرغَمَاً على ذلك ، من دون أن يتم ايقافك ،
أو قتلك فأنت أسعد بكثير من ثلاثة مليارات شخص في العالم.

_ إن كان في برّادك أكل ، وعلى جسدك ثوب ،
وفوق رأسك سقف
فأنت إذن أغنى من 75% من سكان الأرض.

_ إذا كنت تملك حساباً في البنك ، أو قليلاً من المال في البيت ،
إذن أنت واحد من الثمانية في المئة الميسورين في هذا العالم

والأهم أنك إذا تمكنت من قراءة هذه الإحصائية ،
فأنت محظوظ ، لأنك لست في عداد الملياري إنسان ،
الذين لا يتقنون القراءة

لذا ...قولوا " الحمد لله "


اللّهم الحمد لك .