الفرح والحزن من ابداع الخالق
فلا داعي للشعور بالإحباط
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

السلام عليكم

الفرح والحزن صفتان انسانيتان مرتبطتان بالظروف والوقت وليستا دليل
على سعادة المرء أو شقائه فقد يكون الحزين سعيدا من حيث لا يدري بل وقد
يكون الحزن هو سبب سعادته لأنه إذا احتسب ذلك الحزن عند الله تعالى نال الأجر
والثواب الكثير وقد يكون الفرح سبب شقائه إذا لم يشكر الله عليه

الفرح والحزن يدخل في الحياة ضمن التلون والتعدد والتشكل الذي اقتضاه الإبداع
الإلهي في هذه الحياه ، فإذا فرحت لا تبطر ولا تتكل ولا تتصور ان الدنيا كلها
حلوة ، وإذا حزنت فلا تشعر بالإحباط وتتصور أن الدنيا قد ادبرت عنك فافرح كما تريد
وتقبل الحزن كيفما كان المهم أن تحتسبهما كليهما عند الله لتنال أجرهما في دنياك وأخراك

الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون وأوجد فيه الفرح ولكن لم يجعله مستمرا طول الحياة
ولو كان دائما لمللنا منه وانقلبت الدنيا إلى عذاب رغم وجود الفرح فقد ترى التاجر والغني
حزينا لأنه فقد مشروع تجاري بينما ترى غنيا آخر حزينا لأنه لم يتمكن من السفر
فالإثنان يعيشان في فرح الغناء ولكنهما ملا من فرح الغناء ويريدان فرحا آخر غير الغناء
وهنا شعر الاثنان بالحزن رغم غناهما ، ولو كان الحزن دائما لتكيفنا مع هذا الحزن
وانقلب حالنا من ألم الحزن إلا فرح القدرة على التكيف وما ذلك الحزن إلا تجربة وضعها
الله لنا لسقل النفوس وإعدادها

إذن فالفرح والحزن هما إبداع إلهي لحفظ توازن الانسان طول حياته ولتجدد هذه الحياة
وتطور الفكر الانساني ، فلا الليل دائم ولا النهار دائم أيضا ولو دام أحدهما لانتفت
صفة الابداع في خلق الكون

فكل فرح تسعد به ، وكل حزن تتالم منه ما هو إلا صورة من الصور الكثيرة في الإبداع
في خلق الانسان ولولا وجود الفرح والحزن معا لتجمد عقل الانسان عن التفكير
وتوقف عن البناء والتطور

لكن هنا قد يختلف الناس في تفسير الفرح والحزن فأيهما صفة إجابية وأيهما صفة
سلبية في هذه الحياة ، فهنالك من يقول أن الفرح هو الإجابي مستدلا على انه الصورة
المستقرة في حياة الانسان ، وهناك من يقول ان الحزن هو الإيجابي مستدلا على انه
محرك للعقل والتفكير ومعد للنفس للتعامل مع قسوة الواقع ـ وأنا أرى هذا الرأي ـ
لأن الحزن دليل على العقل ، فهل سمعتم ان مجنونا يعاني من الحزن فقد قال المتنبي
( ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله ***وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم )

وقال تعالى

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ
بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ } [القصص : 71]

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ
تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص : 72]


أسأل الله لكم التوفيق
مع خالص احترامي وتقديري لكم