مكانة الوالدين في الأسرة المسلمة

الوالدان في الأسرة لهما مكانة كبيرة، أما عن مكانة الأم في الأسرة المسلمة، فهي مكانة عظيمة أوصى بها الله تعالى في آياته الكريمة، كما أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه المتنوعة للمسلمين المؤمنين.
 
أما عن مكانة الوالدين، فقد أشار الله تعالى إليها بقوله: ? قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? [الأنعام: 151].

وقال تعالى أيضًا: ? وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ? [الإسراء: 23، 24].

فقد أمر الله تعالى بعبادته وحده لا شريك له، ثم قرن بهذه العبادة بر الوالدين والإحسان إليهما، حتى ولو كانا مشركين؛ يقول تعالى: ? وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ? [لقمان: 15].

إلا أن الله تعالى أوصى بالأم وصية خاصة لِما تلاقيه من عناء كبير وجهد عظيم، ونكران ذات في تربية أولادها التربية السليمة؛ يقول تعالى: ? وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ? [لقمان: 14].

كذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيثار الأم في أحاديثه الكثيرة، فقد قدم رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن أحق الناس بصحبته، فقال: ((يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)) [1].

كذلك روى ابن ماجه حديثًا رواه أبو أمامة رضي الله عنه قال: ((إن رجلًا قال: يا رسول الله، ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك))[2]، وهذا يعني أن رضاهما يدخله الجنة، وسخطهما يدخله النار.

وبذلك كان من أهم تعاليم الإسلام بر الوالدين وخاصة الأم، فإذا قام الإنسان على تربية أبنائه، فلا ينتظر مقابلاً لذلك سوى البر والإحسان في الشيخوخة حينما يجف عوده، وينحني ظهره، لا أن يرسل الأبناء بالآباء إلى منازل المسنين، أو يجافوهم، وإنما يصلونهم ويبرونهم، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبر المؤمن صديق أبيه وأمه، لذلك كان من أهم نقاط تنظيم الأسرة في الإسلام بمفهومها الواسع، أن يعيش الإنسان داخلها في أمان منذ ولادته - وقبل ذلك حينما يختار الإنسان لنطفه - وحتى يصل إلى آخر مراحل الشيخوخة، حتى يلقى الاحترام والتقدير والبر من أبنائه وأحفاده، وهنا يجب أن يكون البر وحسن صلة الأبناء للآباء لا يقتصر على أبنائه من صلبه، وإنما أيضًا تصل الزوجة زوجها وأباه، ويصل الزوج أم زوجته وأباها، بل يصل كل منهما محارم الآخر بكل الحب والتقدير، وفي هذا المضمار يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بر الوالدين في حديث رواه ابن ماجه عن أبي أسيد الساعدي، قال: ((بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، أبقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما))[3].

وبذلك فإن مكانة الأم لا تضاهيها مكانة في الوجود، حتى مكانة الأب هي أدنى مرتبة من الأم، لما لها من فضل لا يضاهيه فضل على أولادهما، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث روته إحدى الصحابيات وهي (سلامة) حاضنة إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى عنها أنس بن مالك أنها قالت: (يا رسول الله، إنك تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء؟ قال: أصويحباتك دسسنك لهذا؟ قالت: أجل، هن أمرنني، قال: ألا ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملاً من زوجها - وهو عنها راض - أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله عز وجل، إذا أصابها الطلقة لم يعلم أهل السماء والارض ما أُخفي لها قرة أعين...))، وذكر الحديث فضل الولادة والرضاع والسهر على الولد؛ أخرجه أبو نعيم، وأبو موسى[4].

وبذلك نرى مدى ما تلاقيه المرأة من كبد في حملها وإرضاعها لطفلها وتربيتها له، والصبر على تربيته، لذلك كانت مكانتها أسمى عند الله وتوصية الله تعالى بالأم على وجه الخصوص، كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من التوصية بطاعتها وبرها.

تربية الأبناء:
أما عن تربية الأبناء في إطار الأسرة المسلمة تربية حسنة صالحة، فقد أشار إليها القرآن الكريم إشارات عديدة، كذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حديث في هذا المضمار.

وقد حرص الإسلام على رعاية الطفل، وحمايته منذ أن يكون جنينًا في رحم أمه، كما حرص على تهيئة أسباب الحياة الكاملة السليمة له، فالإجهاض مرفوض رفضًا باتًّا في الإسلام، إلا من باب الحرص على صحة الأم وحياتها إذا كان الجنين يهدد حياتها.

أما منع الحمل والعزل من أساسه، فجائز لتنظيم الأسرة، وذلك قبل تكوين النطفة أو العلقة إذا اقتضت الأمور ذلك؛ يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ? وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ? [الإسراء: 31]، كما يقول تعالى: ? وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ? [الأنعام: 151].
أي: لا تقتلوا أولادكم خشية الفقر أو من الفقر، فإن قتلهم ذنب عظيم.

وينبغي على الزوجين تربية أطفالهما تربية حسنة، يكون كل منها لأبنائه قدوة حسنة، فللرجل فضل القوامة، وعلى الأم أن تغرس في أبنائها ذلك، كما ينبغي على الأم أن تعلم أبناءها الصدق والفضيلة وآداب الإسلام في كل دروب الحياة، وكذلك العدل بين الأبناء في جميع المواقف ومهما كانت الظروف، فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الزكاة حديثًا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: (( دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تمرة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته، فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء، كن له سترًا من النار))[5].
 
كما روي حديث آخر عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من رجل تدرك له ابنتان، فيحسن إليهما، ما صحبتاه أو صحبهما، إلا أدخلته الجنة)).
 
وفي حديث آخر روي عن عقبة بن عامر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن وأطعمهن، وسقاهن وكساهن من جدته، كن له حجابًا من النار يوم القيامة)).
 
وقد روي الحديث بطريقة أخرى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كذلك روي عن أنس بن مالك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم)) [6].
 
وتربية الأبناء تربية حسنة هو من مقومات تنظيم الأسرة؛ سواء في مجال التعليم أو التهذيب، أو الإصلاح باللين واللطف، أو الشدة عند اللزوم.
 
أما عن تدليل الأطفال في الإسلام، فقد أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام به بكل حب وحنان للأطفال والطفولة، ففي حديث روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: ((قدم ناس من الأعراب على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أتُقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، فقالوا: لكن والله لا نُقبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما أملِك إن كان الله قد نزع منكم الرحمة؟)) [7].
 
كما روِي عن يعلى العاملي أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فضمهما إليه، وقال: ((إن الولد مبخلة مجنبة) [8].
 
كذلك روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا قال: ((قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: مَن لا يرحم لا يرحم))[9].
 
وبذلك نرى مدى حنان رسول الله صلى الله عليه وسلم ورقته المتناهية مع الأطفال بصفة عامة، وتدليله لصغارهم ذكورًا وإناثًا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع - وهي ابنة ابنته زينب رضي الله عنها - على عاتقه في الصلاة، حتى إذا ركع أو سجد تركها، إذا قام حملها مرة أخرى، حتى يدفئها بعطفه وحنانه[10]. شامل توقعات الابراج 2017 توقعات الابراج 2017 ابراهيم حزبون توقعات محمد فرعون للابراج 2017 توقعات الابراج جمانة قبيسي 2017 توقعات الابراج مايك فغالي 2017 توقعات نيفين ابو شالة للابراج 2017 توقعات نجلاء قباني للابراج 2017 توقعات الابراج كارمن شماس 2017 توقعات الابراج رجوى سعيد 2017 توقعات الابراج 2017 جوي عياد توقعات برج العذراء 2017 توقعات برج العقرب 2017 توقعات الابراج 2017 ثابت الحسن توقعات الابراج سمير طنب 2017 توقعات عبد العزيز الخطابي للابراج 2017 توقعات برج الميزان 2017 توقعات برج الحوت 2017 توقعات برج القوس 2017 توقعات برج الثور 2017 توقعات برج الدلو 2017 توقعات الابراج جاكلين عقيقي 2017 توقعات برج السرطان 2017 توقعات ماغى فرح للابراج 2017 توقعات برج الجدي 2017 توقعات برج الجوزاء 2017 توقعات برج الاسد 2017 توقعات برج الحمل 2017.
 
أما إذا بدأ الطفل يشب عن الطوق، فقد كان له صلى الله عليه وسلم أسلوب آخر في التربية، يعتمد على التربية الجادة السليمة وحسن تأديبهم، ورعايتهم في كل صغيرة وكبيرة؛ ليصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع، من ذلك ما روي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حدَّث أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أكرموا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم)) [11].
 
كذلك روي عن أنس بن مالك أنه قال: جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا))[12].
 
كما روي عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما نحل والد ولدًا من نحل، أفضل من أدب حسن)).
 
وروي أيضًا عن جابر بن سمرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يؤدب الرجل ولده، خير من أن يتصدق بصاع))[13].
 
فتأديب الولد خير من الصدقة؛ حيث إنه أهم عند الله تعالى، فهو تربية إنسان على فضائل الإسلام وآدابه، مما يؤثر بدوره على الأسرة والمجتمع ككل، وللأم دور كبير في مجال أسرتها أوجزه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: ((كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) [14].
 
فينبغي على الأم وهي راعية ومسؤولة عن رعيتها داخل بيتها، مسؤولة عن راحة زوجها، وتربية أطفالها التربية الواجبة وتوجيههم بما يتفق وشعائر الإسلام وتعاليمه؛ ليكونوا أعضاء نافعين داخل مجتمعهم، كذلك مسؤولة عن الإنفاق من مال زوجها بما يرضي الله، فهي أمينة على ماله وعرضه وبيته، وأولاده منه، بل هي مسؤولة عن حياتهم جميعًا بما تعد من طعام وشراب لهم، وكذا أسلوب معيشتهم بما لا يضرهم، بل ينفعهم ويؤهلهم لإنجاز أعمالهم وتعليمهم، وجعلهم يَحيَون حياة سوية.
 
ينبغي على الأم أن تراعي الله في مسؤوليتها هذه، بما يتفق والواجبات التي فُرِضت عليها في تربية أبنائها، وخاصة بناتها، فهن واجهة للأسرة وترابطها والتزامها، وللمجتمع بما يؤثر بدورهنَّ كل واحدة كامرأة إيجابية في دورها، وكأم ترعى أطفالها، وتقف بجوار زوجها في بناء أسرتهما ومجتمعهما.